ماذا نقول: هدَّد وتوعَّد أم بشَّر وطمأن النائب محمد هايف أهل الكويت بحزمة قوانين أخلاقية قادمة؟ الجواب يختلف وفق فكر المخاطبين به. فهو بشارة خير وطمأنينة عند الذين صوَّتوا للنائب، وعند الذين بصموا على خطابه الديني المتزمت، ويبدو أنهم الأكثرية، فمحمد هايف حمل همومهم الكبيرة بأن هذا المجتمع مغرَّب في أخلاقه، يتَّبع الغرب الكافر في هيئته وعاداته، منحرف في سلوكياته، بعيدٌ عن دينه، فلا قضية ولا نازلة غير تلك السلوكيات الشائنة، كالتشبه بالنساء عند المنحرفين الشواذ، أو الاختلاط بين الجنسين، والدعوات الإباحية، كالسماح للخمور، وإلخ إلخ من بلاغيات القفزة الكبرى للقرن السابع الميلادي.
أم نقول إنه خطاب تهديد ووعيد عند غير السابقين من المخاطبين به، فهو يحمل في طياته مسألة أنه لا قضية في الدولة تشغل همّ النائب محمد هايف ورفاقه في لجنة الشرطة الدينية الآن غير القضية الأخلاقية، التي شرعت قوانين الجزاء من أجلها، ولا مكان بعد ذلك للتدخل في أدق خصوصيات البشر بالتشريع الملزم، وأن القوانين القادمة التي يبشّر بها النائب ستزيد من التضييق على حقوق وحُريات الأفراد في سلوكهم ونهج حياتهم، وهي قوانين إذا خرجت من رحم هذا المجلس، فلن تكون غير صورة أخرى من مشروع قانون إعدام المسيء الذي بصم عليه نواب الأكثرية، في زمن مضى، وأيضاً معهم نواب لم يكونوا من المحافظين الدينيين، بل كانت تلك أصول الانتهازية السياسية.
أيضاً مثل تلك القوانين ستعني مزيداً من الانغلاق بهذه الدولة، وغلق كل أبواب الأمل في مشروع انفتاحي للسياحة والاستثمار الأجنبي. كذلك ستزيد من جرعات الملل والسأم عند الناس المهرولة بين المولات وسباق الشوارع، وتغلغل روح اللاجدوى في نفوس البائسين الحالمين بغدٍ أجمل.
مثل ذلك المشروع من القوانين لحزب الشرطة الدينية هو مسمار آخر في نعش الديموقراطية، ورغم أن الديموقراطية الكويتية ناقصة ومقيدة بسلاسل السُّلطة وقيم مجتمعية محنطة وثقافة شعبية متواضعة، فإن مثل تلك المشاريع ستزيد من تفاهة حالها…
هل هدَّد وتوعَّد النائب محمد هايف أم بشَّر وطمأن…؟ لا جواب… والله يهني شعب الكويت على اختياراته المصيرية.
» الخبر من المصدر
جريدة الجريدة الكويتية